حوار إبراهيم سليم (أبوظبي)

أطلق جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية «مشروع السجل الزراعي» بالتعاون مع الشركاء الاستراتيجيين، المتمثل في مركز خدمات المزارعين ومركز الإحصاء - أبوظبي؛ بهدف إنشاء قاعدة بيانات دقيقة وشاملة للقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني في الحيازات كافة الواقعة بإمارة أبوظبي للمناطق الرئيسة الثلاث: أبوظبي، الظفرة، العين، بغرض استخدامها في رسم الخطط والاستراتيجيات والبرامج التنموية الرامية إلى تطوير قطاع الزراعة على مستوى الإمارة، وفقاً للمدير التنفيذي لقطاع الشؤون الزراعية في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية مبارك علي المنصوري.
وقال مبارك علي المنصوري، خلال حواره مع «الاتحاد»، إن جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية أطلق سجلاً يعتبر الأول من نوعه على مستوى الدولة، يجمع ويعرف بالآفات الزراعية التي تصيب جميع النباتات في الإمارات، كما أطلق مشروعاً لتوزيع المياه المعالجة على المزارع يشمل 4 آلاف و515 مزرعة في إمارة أبوظبي.
وأوضح مبارك علي المنصوري أنه تم الانتهاء من إنجاز المرحلة الأولى من مشروع السجل الزراعي الذي يعتبر المشروع الأول من نوعه على مستوى الدولة، حيث يطلق كبرنامج تشغيلي يجعل بيانات القطاع الزراعي متاحة ومحدثة وبدقة وشمولية عالية، ويقضي على التحديات كافة التي كانت تمر بها، ويعمل على احتساب كمية المنتج المحلي بشكل دوري، ويساعد على ربطها بشكل مباشر مع منصة حكومة أبوظبي الرقمية ومنصة مركز الإحصاء الذي يعتبر البوابة الرئيسة للرقم الإحصائي في إمارة أبوظبي، وفقاً للمدير التنفيذي لقطاع الشؤون الزراعية في جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية.
ولفت إلى تشكيل لجنة عليا برئاسة الجهاز وعضوية كل من مركز خدمات المزارعين ومركز الإحصاء بأبوظبي لوضع خطة لتنفيذ السجل الزراعي، ويشمل بيانات الحيازات الزراعية في إمارة أبوظبي والبالغ عددها 24018 مزرعة، وذلك وفق عمليات تشغيلية موثقة سيقوم بتنفيذها المهندس الزراعي في الميدان، كما تم العمل خلال هذه المرحلة، واستشرافاً للمستقبل على الاستعانة بشركة «ازري» المتخصصة في تطوير السجل الزراعي، باستخدام التقنيات الحديثة كمنظومة الـ«GIS»، بحيث ستكون النواة الأولى للبيانات المكانية في القطاع الزراعي ومرتبطة ببيانات الحيازة الزراعية كافة.
وأشار المنصوري إلى أن العمل يجري حالياً على المرحلة التي تسبق المرحلة الميدانية، وتشمل إجراء العد التجريبي لعدد من الحيازات الزراعية بغرض رصد التحديات كافة، التقنية والفنية والميدانية، قبل إطلاق العمل الميداني. لتليه لاحقاً مراحل التدقيق والعد البعدي، واستخراج النتائج الأولية، واستخراج وتحليل النتائج والنشر، بالإضافة إلى مرحلة إغلاق المشروع والتي يتوقع أن تتم خلال الربع الأخير من العام المقبل 2019.
وحول طبيعة المعلومات التي سيوفرها هذا السجل عند اكتماله، أوضح مبارك المنصوري، أن الانتهاء من تنفيذ السجل سيعمل على تحقيق العديد من الأهداف، ومن بينها إنشاء قاعدة بيانات جيومكانية دقيقة وشاملة ومحدثة للحيازات الزراعية في جميع مناطق إمارة أبوظبي الزراعية (أبوظبي، الظفرة، العين) ستوفر البيانات التعريفية للحيازة الزراعية، وبيانات مالك الحيازة، والخصائص العامة للحيازات الزراعية، متمثلة في نوع التربة ودرجة ملوحتها والحالة الإنتاجية للمزرعة وطرق تصريف الإنتاج الزراعي.
كما أنه سيتولى رصد بيانات العمالة الزراعية، والتي قد تكون نواة ربط مع الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة باستقطاب العمالة الزراعية، وكذلك رصد الإنتاج الزراعي لكل حيازة زراعية بأنواع المحاصيل المزروعة كافة، سواء في الحقول المفتوحة أو في البيوت البلاستيكية وبشكل موسمي.

تحديث بيانات الأشجار
وأضاف: سيلعب السجل دوراً مهماً في رصد وتحديث بيانات الأشجار بما فيها النخيل، إلى جانب البيانات المتعلقة بقطاع النحل؛ نظراً لأهميته الكبيرة، حيث سيوفر السجل بيانات محدثة لخلايا النحل في الحيازات الزراعية وكميات العسل المنتجة وبيانات مزارع الأسماك وكمية الإنتاج فيها، وسيتواصل العمل برصد هذه البيانات بشكل مستمر ودوري وفق منهجية محوكمة في مركز خدمات المزارعين ووفق متطلبات حكومة أبوظبي لإدارة البيانات، وبالتالي فإن تدفق هذه البيانات بشكل دائم سيساهم بكل تأكيد في وضع الخطط التنموية الرامية لتطوير القطاع الزراعي واستشراف مستقبله.

رصد بيانات الحيازات الحيوانية
وأشار إلى أسبقية الجهاز في تطوير منظومة متكاملة منذ 2010 لرصد بيانات الحيازات الحيوانية باستخدام نظام تسجيل وتعريف الحيوانات حيث يتم رصد بيانات الثروة الحيوانية في إمارة أبوظبي، وعليه فإن وجود هذه المنظومة المتكاملة من بيانات الحيازات الحيوانية والزراعية سيعمل على خلق قاعدة بيانات متكاملة للقطاع الزراعي، لافتاً إلى عدم إغفال الجهاز بيانات القطاع الزراعي التجاري كونه محركاً اقتصادياً يعمل على تعزيز منظومة الأمن الغذائي، لافتاً إلى أن الجهاز يعمل على رصد بيانات هذه المزارع وبشكل تفصيلي منذ عام 2010 ولايزال مستمراً في رصد هذه البيانات ونشر مخرجاتها بشكل دوري بالتعاون مع مركز الإحصاء أبوظبي.

ورداً على سؤال حول الأثر الاقتصادي والبيئي والاجتماعي لهذا المشروع، قال: بالنسبة للآثار الاقتصادية يمكن تلخيصها في تحديد مدى مساهمة القطاع الزراعي اقتصادياً في الناتج المحلي للإمارة، وتحديد مدى تشابك ودعم هذا القطاع مع بقية القطاعات الاقتصادية، واستشراف مستقبل القطاع الزراعي لوجود بيانات تاريخية ذات جودة عالية ستمكننا من رسم السياسات ودعم القرارات الاستراتيجية الخاصة به، كما سيربط قاعدة بيانات السجل الزراعي لإمارة أبوظبي بالسجلات الاقتصادية الأخرى لتحديد فرص النجاح وتحديد المخاطر المحتملة، وتوجيه برامج الدعم الحكومي لمستحقيه بناءً على دراسات تحليلية بنيت على بيانات محدثة تحاكي الواقع، بالإضافة إلى تعزيز فرص الاستثمار الزراعي في الإمارة، ورصد توزيع الإنتاج النباتي والحيواني في المناطق الزراعية مما سيساعد في تعزيز الإنتاج ونقل التجارب الناجحة للمناطق ذات الإنتاجية الأقل وتنظيم عمليات التسويق الزراعي.

الأثر البيئي والاجتماعي
وفيما يتعلق بالأثر البيئي، أوضح المنصوري أن المشروع سيمنح فرصة التخطيط السليم للقطاع الزراعي مع الأخذ بعين الاعتبار عدم استنزاف الموارد المائية لإمارة أبوظبي، وتعزيز استدامة القطاع الزراعي، وضمان توجيه التطوير والتنمية للمزارع المنتجة اقتصادياً، ورصد القطاع النباتي الذي يساهم بشكل كبير في التخطيط لمكافحة التصحر.
وأضاف أن رصد الممارسات الزراعية السلبية سيساعدنا في الحفاظ على الموارد الطبيعية، والحد من ارتفاع عدد المزارع المهملة ومزارع الأرض الفضاء، إلى جانب رصد أسلوب استغلال الأراضي الزراعية سواء أكان في مجال الزراعة أو تربية الثروة الحيوانية، ورصد التوزيع النسبي لمعدلات ملوحة التربة في الأراضي الزراعية لإمارة أبوظبي، ورصد المحاصيل الحقلية (الرودس) التي تم إيقافها بسبب استنزافها المفرط للمياه.
كما سيترك المشروع أثراً اجتماعياً مهماً من خلال توفيره أطر عديدة في الثروة الحيوانية والزراعة تخدم شرائح كبيرة من المجتمع كالباحثين ومعدي الدراسات ومتخذي القرار، والترويج لدور إمارة أبوظبي في مواكبة المدن العالمية المتقدمة في مجالات توفير البيانات الزراعية عبر المنصات الذكية.
وذكر المنصوري أنه سيتم استخدام تقنيات حديثة في تنفيذ المشروع، وفي هذه المرحلة سيتم رصد البيانات من خلال منظومة إلكترونية متعلقة بتطبيقات جيومكانية تحدد إحداثيات الحيازات الزراعية بمنتهى الدقة، على أن يتم تطوير هذه المنظومة مستقبلاً بمشاريع تم رصدها في استراتيجية البيانات الزراعية، وتطبيق مفاهيم الذكاء الاصطناعي، ويعمل الجهاز حالياً على دراسة الوضع الحالي للبيانات الزراعية والغذائية وتقييمها ووضع تصورات مثالية لهذه البيانات، ورسم خريطة طريق للخروج بمنظومة متكاملة لدعم القرار واستشراف المستقبل.

سجل الآفات الزراعية
وقال: إن سجل الآفات الزراعية الذي أطلقه الجهاز يعتبر الأول من نوعه على مستوى الدولة، يجمع ويعرف الآفات الزراعية كافة التي تصيب جميع النباتات المزروعة في الدولة، (وتشمل أشجار نخيل التمر، التمور المخزونة، الفاكهة الأخرى، الخضراوات، الحبوب، الأشجار الحرجية، الأعلاف، المسطحات الخضراء، ونباتات وأشجار الزينة)، ويهدف إلى تعريف الآفات الزراعية الموجودة على النباتات المزروعة وتصنيفها علمياً (الاسم العربي الشائع، الاسم الإنجليزي الشائع، الاسم العلمي، الفصيلة والرتبة) وتشمل الآفات الحشرية، والآفات الممرضة (الفطرية والبكتيرية والنيماتودية والفيروسية، وغيرها)، والأعشاب الضارة، وحصر العائل أو العوائل التي تصيبها كل آفة، مع التركيز على المحاصيل الرئيسة في الدولة، كما يعتبر هذا السجل نواة لدليل شامل يتم تحضيره حول الآفات الزراعية في الدولة.
وأوضح أن إنشاء سجل الآفات الزراعية، يأتي انطلاقاً من حرص الجهاز على تحقيق أمن غذائي وقطاع زراعي مستدام، لافتاً إلى أن الجهاز حصل على شهادة تسجيل الملكية الفكرية الخاصة به من قبل وزارة الاقتصاد.
وأكد أن أهمية السجل تكمن في إنشاء قاعدة بيانات حول الآفات الزراعية في الدولة، باعتبارها عنصراً أساسياً لأي عملية حصر مستقبلية للآفات الزراعية في الدولة، وذلك استناداً إلى توصيات اللجنة العلمية للجهاز خلال اجتماعها الرابع عشر والذي عقد في 13-14 ديسمبر 2015م، حيث يوفر السجل تصنيف خطورة الآفة على كل نبات، ذلك من ناحية كونها آفة اقتصادية رئيسة، ثانوية، نادرة الظهور، أو آفة موسمية، وتحديد موعد ظهور الآفات على النباتات المزروعة، ونشر صور ملونة للأطوار المختلفة بكل آفة مع صور توضيحية لأعراض الإصابة المختلفة، مما يجعله مرجعاً متكاملاً لأصحاب المزارع والمزارعين في عمليات مكافحة الآفات الزراعية.

التوسع في استخدام المياه المعالجة
وقال المنصوري، إنه يجري التوسع في استخدام المياه المعالجة في المزارع على مستوى الإمارة، حيث أطلق الجهاز مشروع توزيع المياه المعالجة على المزارع في إمارة أبوظبي، والذي يشمل 4 آلاف و515 مزرعة، على مستوى الإمارة، تتوزع بين 2000 و645 مزرعة على طريق أبوظبي - العين، و1870 من المزارع تقع على طريق أبوظبي - دبي.
وأوضح المنصوري أن احتياجات المزارع في إمارة أبوظبي من المياه المعالجة تبلغ 120.5 مليون متر كعب، منها 70.5 مليون متر مكعب للمزارع الواقعة على طريق أبوظبي - العين، و50 مليون متر مكعب للمزارع الواقعة على طريق أبوظبي - دبي.
ولفت إلى أن المناطق الواقعة على طريق أبوظبي - العين التي يمكن أن تستفيد من المياه المعالجة، تشمل، 55 مزرعة في بني ياس، و75 مزرعة في الوثبة، و1482 في الختم، و1033 مزرعة في الخزنة، أما تلك الواقعة على طريق أبوظبي - دبي، فتستفيد من المشروع بمنطقة الرحبة والتي تشمل: الباهية، السمحة، الشهامة، العجبان، السميح، بإجمالي 1870 مزرعة. وأكد المنصوري تنفيذ الجهاز للعديد من المبادرات، للحد من الهدر، وكان من بين أبرز 10 منها مشروع لقياس معدل الاستهلاك الحالي للمياه في مزارع إمارة أبوظبي، ودراسة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة مع منظمة الأغذية والزراعة، وتوصيل المياه لعدد 143 مزرعة في منطقة النهضة بمدينة أبوظبي.

15 ألف بيت محمي
تحدث المنصوري عن جهود جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية في القطاع الزراعي، مشيراً إلى أنه يوجد أكثر من 15 ألف بيت محمي بالإمارة. وأضاف أنه تم تأهيل أكثر من 300 مزرعة للحصول على الشهادة العالمية للممارسات الزراعية الجيدة، كما يوجد 16 مركزاً توزع الأعلاف على مستوى الدولة، موضحاً أن هنالك 18500 مستفيد بأبوظبي من برنامج الأعلاف، مشيراً إلى وجود مركز توزيع أعلاف بإمارة الشارقة، يستفيد منه 13500 في عدد من إمارات الدولة.